عزيزي "ابو العيال" : اسمعني جيّداً ، يجب أن تعيش ! "بالطول بالعرض" يجب أن تعيش !! "مش بكيفك"، يجب أن تعيش "غصب عنك"! هل فهمت؟..
لا أريد أن أسمع أمنيات الموت ، لا اريدك أن تنسحب من معركة الفقر والغلاء
والعائلة الكبيرة، لا أريد أن ألمح همّاً على جبينك، أو يأساً يتسلل الى
زفيرك المعطر بالفقر...
أريدك
كما كنت ؛ تكدّ وتكسب تعرق وتتألم و"تمزح" وتعيش.. اريدك كما انت ، "ملح
الدار" الذي ينتظره الأولاد عند الغروب ، فيتحلقون حولك ليروا أمنهم في
عينيك ،
أريدك أن تأتيهم برزقهم البسيط - بالأكياس السوداء اياها - أن تستريح فتضع
مخدّتين الى يمينك ، الى ان يحضروا لك حصّتك من غداء متواضع يشاركك فيه بعض
الجياع،
اريدك ان تشرب شاياً "بميرمية" مغلي بماء "المزراب" ، وأن يقرّبوا الصوبة
الوحيدة منك حتى يدفأ قلبك ..أريدك أن تضع آخر العنقود بحضنك وأن تقبل يديه
،
اريدك كما كنت صاحب القلب الكبير والهم الصغير : "يلعن ابو المصاري" ...!
نعم
بحذائك القديم المهلهل ، يجب أن تعيش !! "ببنطلونك" الوحيد يجب ان تعيش!!
من أجل أولادك - طلاب المدارس- يجب ان تعيش ، من اجل ابنتك الجامعية التي
لا تخجل بفقرك يجب ان تعيش !!
هم بحاجتك ، نحن بحاجتك ،بصراحة أنا شخصياً بحاجتك!!..
من غيرك لا طعم للحياة ، لا نكهة للشوارع ،ولا معنى لمقاعد السرفيس ،ولا
قداسة "للّقمة الحلال" ،ولا هيبة للبيت ،حتى رغيف الخبز"المشروح" يعشق يديك
انت دون سواها..
فلا تتركنا للمنظرين وأرباب الصفقات..
..أنت يا ا "نائب الطبقة الوسطى"..ونائب القهوة الوسطى ..ونائب الأمة
الوسطى... أريدك كما أنت ، بزوج جواربك الصوفي وبقروشك القليلة التي
"تخرخش" في جيبك عند العودة ، بلحيتك الشوكية ، بشاربك الأبوي..اريدك ان
تبقى صلباً..وأن تبقى على قيد "العيش"..هل تعرف لماذا؟
لأنك
الوحيد الذي لا يبيع مواقفه على "بسطة" المكاسب ، ولأنك الوحيد الذي يعشق
بلده كلما جاع .. لأنك الصادق والمقاوم و المقاتل... الذي يعطي وطنه ولا
ينتظر المقابل...