السلام عليكم
تأثير أفلام الكرتون على سلوك الأطفال
:///الالا/:
أثبتت الدراسات أن تأثير مسلسلات الكرتون على الأطفال يكون تأثيراً تراكمياً أي لا يظهر هذا التأثير من متابعة هذه المسلسلات مدة شهر أو شهرين بل هي نتيجة تراكمات يومية تؤدي إلى نتائج عظيمة،
فكيف هو الحال إذا كانت هذه المسلسلات تعرض كماً كبيراً من العنف والخيال والسحر ونسف المبادئ والعقائد الدينية والسماوية بأسلوب غير مباشر كما في مسلسل البوكيمون، وكيف ستكون هذه النتائج عندما تعلّم هذه المسلسلات الأطفال أساليب الانتقام وكيفية السرقة وكل ما يفتح لهم آفاق الجريمة.
إن أفلام الكرتون والرسوم المتحركة الموجهة للأطفال من الممكن أن تكون خطرًا حقيقيّا وتتحول إلى سموم قاتلة، ووجه الخطر في هذا عندما تكون هذه الأفلام صادرة من مجتمع له بيئته وفكره وقيمه وعاداته وتقاليده وتاريخه، ثم يكون المتلقي أطفال بيئة ومجتمع آخر وأبناء حضارة مغايرة، فإنهم بذلك سيحاولون التعايش مع هذه الأعمال والاندماج بأحداثها وأفكارها ولكن في إطار خصوصيتهم وهويتهم التي يفرضها عليهم مجتمعهم وبيئتهم، فتصبح هذه الأفلام والمسلسلات في هذه الحالة مثل الدواء الذي صنع لداء معين، ثم يتم تناوله لدفع داء آخر، فتصبح النتيجة داءً جديدًا.
ولنا أن نتصور إذن حجم الأذى والسلبيات التي تنتج عن أفلام الكرتون المستوردة والمدبلجة على الطفل العربي والمسلم الذي يتأثر بها.
فمثل هذه الأفلام من الممكن أن تقدم القيم و الأخلاق الحميدة للطفل ولكنها تجعله يتلقى هذه القيم والأخلاق من خلال بيئة جديدة بعيدة كل البعد عن البيئة والثقافة العربية الإسلامية التي يعيش في كنفها، فيحاول أن يتعامل معها ببراءته المعهودة، فتنمو لديه دوافع نفسية متناقضة، بين ما يتلقاه، وما يعيشه داخل الأسرة والبيئة والمجتمع، فيكون ذلك بداية الانحراف.
الآثار السلبية للأعمال المدبلجة على الطفل العربي:
تعمل هذه البرامج الغربية المدبلجة على:
- تكريس الحياة الغربية في الملبس والمأكل والمسكن مما يورث الأبناء نوعاً من التمرد على حياتهم يصل إلى درجة انسلاخ الطفل عن واقعه وارتباطه بالمجتمعات الغربية ، وخاصة أن القدوة المقدمة له غالبا ما يكون اسمها غربيا ولباسها وعاداتها كذلك.
- كثير منها تنشر القيم الغربية التي لا تناسبنا كالتحرر من الوالدين وحقهم في التوجيه والتربية بل تهون من شأن القيم الإسلامية التربوية.
- كثير من الأفلام والمسلسلات المدبلجة تكرس السحر والشعوذة، فأبطالها يوقفون الزمن وينتقلون إلى المستقبل ويتحولون في الفضاء، ويتعاملون مع الجن والملائكة، ويستخدمونهم في الصعود والهبوط بين السماء والأرض.
- كثير من الأفلام والمسلسلات تقدم مبادئ وأساليب الجريمة التي تهون من قيمة الإنسان، حيث يظهر الإنسان فيها أشبه بالجرذان الضالة وأدنى من الحشرات فيهون قتلها، كأن يطل علينا بطل المسلسل وهو يتفنن في غرس أنيابه وأظافره في جسد عدوه وربما كان فرحاً مسروراً برؤية الدماء وركل جثته أو الوقوف فوقها.
الأضرار الجسيمة التي تسببها مشاهد العنف في أفلام الكرتون:
بعد دراسات معمّقة اختصر بعض الباحثين التأثيرات السلبية للعنف بنقاط ثلاث رئيسية هي:
- جعل الأطفال متحجري القلوب قليلي التعاطف مع أوجاع الآخرين ومعاناتهم.
تفاقم الخوف والهلع في نفس الطفل حتى يغدو سلبياً انطوائياً يخشى المصاعب ويهرب من مواجهتها.
- أو على العكس جعل الطفل عدائياً انفعالياً قليل الصبر يرى المجتمع من خلال ذاته يسعى دوماً لنيل ما يريد بالقوة.
رسائل إعلامية مضلّلة تسوّغ العنف عند الأطفال:
يؤكد علماء النفس أن ما يساهم في التأثير السلبي للعنف التلفزيوني هو الرسائل المضلّلة التي يبعث بها الإعلام إلى عقول الأطفال عبر مختلف صور العنف، ومن بين تلك الرسائل نذكر ما يلي:
- تبرير أعمال العنف: بما أن معظم العنف التلفزيوني الذي يشاهده الطفل عبر الشاشة الصغيرة يرتكبه "البطل" أو "الرجل الصالح"، فهو دائماً مبرّر ومسموح به، وقد يذهب النص إلى أبعد من ذلك بحيث يعدّ العنف عملاً بطولياً يستحق التقدير.
- إيهام الطفل بأن العنف جزء طبيعي من حياتنا اليومية، وفي هذا الإطار يروي أحد الباحثين أن طفلة في الرابعة من عمرها علمت بوفاة والد صديقتها، فكان السؤال الأول الذي طرحته: "من قتله؟" مفترضة بذلك أن العنف هو السبب الطبيعي للموت.
- تصوير العنف بصورة مضحكة، لا سيما عندما نسمع قهقهة الأبطال حينما تبدأ عمليات الضرب والصراخ والمكائد بين الشخصيات الكرتونية التي يحبّونها.
- إفلات المجرم من العقاب: في دراسة قامت بها شركة "ميديا سكوب" الأميركية خلال التسعينيات، تبيّن أن 73 في المئة من مشاهد العنف التلفزيوني تتجاهل تماماً موضوع عقاب المجرم.
وقائع من الحياة حول آثار العنف في أفلام الكرتون على سلوك الأطفال:
- حاول طفل صغير رمي نفسه من الشرفة لاعتقاده أنه سيطير مثل السوبرمان أو الرجل الوطواط..
- فقأ طفل عين طفل آخر لتقليد مشهدٍ في الرسوم المتحركة
- مبارزة بين مجموعة أولاد بالعصي أدت إلى قتل بعضهم كتقليد لمشاهد المبارزة
- قام طفل بمحاولة وضع أخته في الثلاجة لمشهد رآه في Tom and jerry.
- ونذكر القصة المشهورة التي ضج با الشارع المصري: حيث دفع طفل مصري في إحدى مدن أسوان حياته ثمناً لتقليد بطل المسلسل التلفزيوني الأجنبي " هرقل " الذي انتهى التلفزيون المصري من بثه قبل أيام من الحادثة، وتبين أن الطفل الذي يبلغ من العمر ( 10 سنوات ) اتفق مع صديقه على تعليق نفسه في سقف الحجرة من رقبته، على أن يحضر زميله بسيفه فيقطع الحبل لإنقاذه وقام الطفل بوضع رقبته في المشنقة، ولكن للأسف لم يحضر " هرقل " لينقذه فمات الطفل خنقاً.
في المقالة التالية إن شاء الله سأعرض لكم إحصائيات خطيرة حول تأثير أعمال العنف التي يراها الأطفال في التلفاز على سلوكهم ومستقبلهم، موضحة دور الأهل والطريقة المثلى لتعاملهم مع الأمواج التي تجتاح عقول أبنائهم من قيم وأفكار مشوهة ومشاهد عنيفة عن طريق أفلام الكرتون التي تؤثر فيهم فكرياً وسلوكياً وانفعالياً